اسمحوا لي أن أقف إعجاباً لنموذج جميل استمتعت به وأنا أقرأ قصة في الطائرة قبل يومين.
فقد نقلت جريدة "الحياة" في نسختها السعودية قصة إصرار رائعة من سكاكا، شمالي السعودية، بطلها شاب سعودي في الخامسة والعشرين من عمره، يدعى فهد بن سلامة الرويلي.
لم يكمل فهد تعليمه واكتفى من التعليم بالشهادة الابتدائية، لكنه عمل في مكان فيه جهاز كمبيوتر، وبدأت علاقة عشق بينه وبين هذا الجهاز العجيب.
اليوم يمتلك فهد خمسة سيرفرات لاستضافة المواقع تدر عليه دخلاً سنوياً يزيد على 150 ألف ريال، ما يعني أننا يمكن أن نعتبر أن دخل فهد الشهري يبلغ 12500 وهو دخل شهري مرتفع!
كان بإمكان فهد أن يجلس في ملحق بيتهم، و(يتبطح) فيه كما نقول بالعامية، ويندب حظه العاثر في صباح ومساء، وينتقد عدم وجود فرص للعمل!
لكنه تعلم بشكل ذاتي، وطوّر نفسه بنفسه، وأصر على أن يكون شيئاً، وفعل، وبالتأكيد فإن أمامه مستقبل عريض إن واصل الجد والعمل والتطور، ولم يركن إلى ما حقق وإن كان عظيماً.
هل تدرون أن فهد اضطر قبل سبع سنوات- كما تقول الصحيفة- إلى أن يعمل محاسباً في مقهى للأنترنت، من دون أجر؟!
نعم كان راتبه لشهرين، ولا قرش!
لكنه قبل العمل لأنه كان يريد أن يشبع رغبته في تصفح الأنترنت، ولم يكن يستطيع دفع كلفة استخدام الأنترنت حينها (20 ريال للساعة)، وعندما وجد صاحب المقهى تميز الرويلي واجتهاده في صيانة الأجهزة، وظّفه براتب 1500 ريال شهرياً، ولم يكتفي الشاب الطموح بذلك، فأصبح بعد فترة مسؤولاً عن صيانة اجهزة الكمبيوتر في معظم مقاهي الانترنت في سكاكا!
أصدقكم أن فهد بن سلامة الرويلي يستحق أن نقف له إعجاباً بإصراره وصناعته لنفسه. فقد علمنا أن التميز ليس بحاجة إلى شهادات بالضرورة، بل إلى حرص ومثابرة وإصرار وإلحاح، ومن أراد التميز وسعى له، فلا بد له سيقطف الثمر وإن تأخر الحصاد أحياناً
الكاتب الصحفي تركي الدخيل...